واصلت مؤشرات قروض السكن مستواها التصاعدي رغم ضعف الطلب المسجل في السوق
العقارية، ونجحت بدرجة أكبر المنتوجات الائتمانية التشاركية، مثل “مرابحة”، في
جذب عدد من الراغبين في امتلاك سكن.
وأظهرت الإحصائيات الصادرة مؤخرا عن بنك المغرب ارتفاع قروض السكن التشاركية
إلى 21.7 مليار درهم متم يناير الماضي، بارتفاع نسبته 14 في المائة مقارنة مع
الفترة ذاتها من السنة الماضية، أي بزيادة قيمتها 2.6 مليار درهم، من أصل
إجمالي قروض سكن موزعة من قبل البنوك تجاوز 244 مليار درهم خلال الفترة
المذكورة، بنسبة نمو بلغت 1.9 في المائة، أي بما قيمته 4.4 مليارات درهم.
ويمثل منتوج “مرابحة العقارات” بالنسبة إلى البنوك التشاركية “صفقة تجارية”،
تتلخص في بيع البنك لزبونه ممتلكات ذات خاصيات محددة، حيث إن البنك يقوم
بامتلاك المنتوج، سواء كان أصولا ثابتة أو عكس ذلك، بالثمن المتفق عليه، ثم
يقوم البنك بإعادة بيع هذه الأصول إلى الزبون بتكلفة الشراء، إضافة إلى هامش
ربح متفق عليه مسبقا.
منتوج ائتماني واعد
وعلق سليم شهابي، مستشار مالي متخصص في العلاقات مع الزبائن الخواص للبنوك،
على تطور القروض التشاركية بتأكيد أن منتوج “مرابحة” يواصل نموه بشكل مضطرد رغم
تراجع الإقبال عليه من قبل الشركات العقارية والمنعشين الذين يفضلون بيع
العقارات في طور البناء، سواء عبر الحجز بدفعات مالية كبيرة، أو توقيع عقود
“شراء عقار في طور البناء” (VEFA).
وأضاف شهابي أن منتوج “مرابحة” يرتكز على عملية شراء بنك لعقار قائم، أي موجود
على أرض الواقع، الأمر الذي يتعارض مع مصالح المنعشين العقاريين الذين يفضلون
تحصيل سيولة مالية مسبقة خلال عملية بناء المشروع العقاري، مبرزا أن المنتوج
التشاركي يعتبر واعدا رغم الظروف المواكبة لتسويقه، إذ يمثل خيارا مناسبا لعدد
كبير من الزبائن مقارنة مع المنتوجات الائتمانية الكلاسيكية.
ويعتبر التمويل إلى جانب الضريبة والوعاء العقاري عصب المنافسة في السوق
العقارية، الأمر الذي يفسر تزايد التنسيق بين المنعشين العقاريين والبنوك في
صياغة عروض تمويلية على مقاس مختلف أنواع الزبائن، سواء تعلق الأمر بالبنوك
الكلاسيكية أو النوافذ التشاركية التابعة لها، رغم التحديات المرتبطة بارتفاع
معدلات الفائدة المطبقة على أنواع القروض إجمالا، وقروض السكن بشكل خاص.
دعم محفز للسكن
ويرتقب أن يساهم برنامج الدعم المباشر للسكن في تقديم دفعة قوية لمنتوجات قروض
السكن التشاركية، خصوصا “مرابحة العقارات”، إذ يستهدف البرنامج الذي أطلق
بمبادرة ملكية تحفيز الطلب في السوقين العقارية والائتمانية، وليس التخلص من
مخزون عقاري غير مباع، كما يعتقد عدد كبير من المنعشين العقاريين، ذلك أنه يتيح
مجموعة من التسهيلات المسطرية عبر منصة إلكترونية خاصة، تسرع عملية التملك
والبيع بالنسبة إلى المستفيدين والمنعشين على حد سواء.
وبهذا الخصوص، عاد المستشار المالي المتخصص في العلاقات مع الزبائن الخواص
للبنوك إلى التأكيد على أهمية تحفيز الطلب في السوق العقارية، بما ينعش العروض
الائتمانية المختلفة، ويعزز مسار تسويق المنتوجات التشاركية الخاصة بتمويل
السكن، بالاعتماد على القنوات الإلكترونية، التي سهلت ولوج الزبون إلى القروض،
وبسطت مساطر الحصول عليها، وامتلاك سكن بسرعة وفعالية، موضحا أن الأمر يصب في
النهاية نحو تعزيز “الولوج إلى تمويل السكن”، باعتباره محركا للطلب.
وبلغة الأرقام، بلغ عدد الطلبات المقدمة للاستفادة من برنامج دعم السكن عبر
المنصة الإلكترونية المخصصة لهذا الغرض حوالي 51 ألفا و900 طلب إلى غاية 27
فبراير المنصرم، علما أن 75 في المائة من هذه الطلبات تهم السكن من فئة أقل من
300 ألف درهم، و25 في المائة من فئة ما بين 300 ألف درهم و700 ألف درهم، وبينها
81 في المائة طلبات من المغاربة المقيمين بالوطن، و19 في المائة من المغاربة
المقيمين بالخارج.